العلاج السلوكي
مقدمة :-
وأن اكثر العلاجات أخلاقية هي التي تعمل بشكل أفضل , وأن المناهج السلوكية يمكن التدليل على فعاليتها بشكل أوضح من المناهج الأخرى . كذلك فإن كل الاساليب يمكن اساءة استخدامها إذا ما وضعت في الايدي الظالمة.(حمدي منصور , سعيد عويضة , 2010م ,129).
لا تعتمد النظرية السلوكية على نماذج التفكير العقلي (أي مفهوم الفرد عن ذاته وعن العالم من حوله التي تعتمد على الحوادث الخارجية ) فهي لا ترتبط بالعمليات العقلية الداخلة ولكن اهتمامها ينصب على كيف يمكن تبني سلوك معين وتنميته واستمراره أو إلغائه من خلال عمليتي الثواب والعقاب ولهذه النظرية تطبيقات في الممارسة العامة للخدمة الاجتماعية مع الفرد والجماعة والأسرة.
والشخصية حسب النظرية السلوكية هي التنظيمات والأساليب السلوكية المتعلمة والثابتة نسبياً التي تميز الفرد عن غيره من الناس ويحتل مفهوم العادة مركزاً أساسياً في النظرية السلوكية باعتبار أن العادة مفهوم يعبر عن رابطة بين المثير والاستجابة , كما اهتمت هذه النظرية بتحديد الظروف التي تؤدي الى تكوين العادات أو تؤدي إلى انحلالها أو إحلال أخرى محلها . والعادة عند أصحاب هذه النظرية هي تكوين مؤقت وليست تكوين دائم كما أن العادات متعلمة ومكتسبة وليست فطرية أو موروثة وعلى ذلك فإن بناء الشخصية يمكن ان يتعدل ويتغير .(جمال حبيب , مريم حنا , 2016 , 158).
الافتراضات الأساسية للنظرية السلوكية :-
1- السلوك هو ما يؤديه الشخص أو ما يفكر فيه وما يشعر به ويمكن ملاحظته فهو ترجمة للنشاط العقلي للفرد.
2- دوافع السلوك في طبيعتها تسعى للمتعة وتجنب الألم .
3- يعتمد السلوك على درجة تعلم الناس فالناس تتعلم عن طريق ردود الأفعال التي يتلقونها من البيئة.
4- السلوك قابل للتغيير.
5- تغيير السلوك يمكن أن يتم عن طريق الثواب او العقاب.
6- التفكير والمشاعر هي سلوكيات. (جمال حبيب , مريم حنا , 2016 , 159).
نشأة العلاج السلوكي وأصوله التاريخية :-
ظهر العلاج السلوكي في مطلع القرن العشرين كرد فعل للانتقادات الشديدة التي وجهت للاتجاهات النفسية القائمة على التحليل النفسي ويقوم هذا الاتجاه على فكر دراسة السلوك الخارجي للكائن الحي نظراً لقابلية هذا السلوك للملاحظة والقياس وأطلق علية الاتجاه السلوكي أو النظرة الواطسنية نسبة إلى عالم النفس جون واطسن الذي قاد هذا الاتجاه.
ولقد قدم فرانكس مجموعة متنوعة من التطبيقات المبكرة تضمنت استخدام الاشراط المنفر في علاج الإدمان وبالرغم من هذا فإنها لا تعتبر من السوابق الرئيسية في العلاج السلوكي الحديث لأن كتابات بافلوف وتجاربه على ما يسمى بالاشتراط الكلاسيكي وكذلك مؤلفات ثورنديك عن التعليم بالإثابة حيث كانت الأساس العلمي لما يسمى الآن بالأشراط الإجرائي بالإضافة إلى كتابات واطسون وزملائه ومن خلال هذه الإسهامات العلمية تم وضع فنيات العلاج السلوكي إضافة إلى إسهامات أيزنك.
ولقد بنيت النظرية السلوكية على أسس من البحوث التجريبية والمعملية بهدف تفسير السلوك الإنساني وتتضمن محاولات لتفسير اكتساب الإشكال الجديدة من السلوك والشخصية تبعاً للنظرية السلوكية هي:
التنظيمات أو الأساليب السلوكية المتعلمة الثابتة نسبياً التي تميز الفرد عن غيره من الناس والفرد في مراحل نموه يكتسب العديد من السلوكيات السوية أو المرضية عن طريق التعلم.(عبد المنصف رشوان، محمد القرني, 2004، 70)
تعريف العلاج السلوكي :-
أسلوب من الاساليب الحديثة يقوم على أساس استخدام نظريات وقواعد التعلم , يشتمل على مجموعة كبيرة من الفينات العلاجية التي تهدف الى إحداث تغيير ايجابي بناء في سلوك الإنسان وبصفة خاصة سلوك عدم التوافق.
يتميز العلاج السلوكي بأنه لا يهتم كثيراً بالبحث في الخبرات المبكرة للفرد كما أنه يركز على الحاضر , ويشتمل على فنيات وإجراءات يمكن للفرد أن يفهم مغزاها بسهولة حيث يخلو من الغموض ومن الممكن تدريب المدرسين والآباء على القيام به.(محمد عبدالرحمن , محمد الشناوي , 2010م , 11).
النظريات السلوكية:-
أولاً : نظرية التعزيز لدولارد وميللر :
أن الجزء الأكبر من النظرية يتعلق بتعريف الظروف التي تتشكل في ظلها العادات وتنحل , ولقد عبر (ميللر ودولارد) بوضع عن فكرتهما العامة :
نظرية التعلم في ابسط صورها عبارة عن دراسة الظروف التي ترتبط فيها استجابة بمثير وبعد أن يتم التعلم , فإن الاستجابة والدليل يرتبطان معاً بحيث أن ظهور الدليل يستثير الاستجابة ويحدث التعلم وفقاً لقواعد نفسية محدودة.
المفاهيم الأساسية للنظرية :
العادة : هي صلة أو ارتباط بين مثير واستجابة وجوهر هذه النظرية يتعلق بتحديد الظروف التي تتشكل في ظلها تلك العادات وتنحل أو تستبدل.
الدافع : يعد الدافع نوعاً من الضغط (البيئي – الداخلي) يدفع الفرد الى النشاط أي أنه يثير السلوك ولكنه في حد ذاته لا يوجهة , فقد يصبح أي منه باعثاً إذا ما وصل الى قدر كاف من الشدة.
الدليل : هو عبارة عن مثير أو منبه يوجه الفعل أو الاستجابة التي أثارها الدافع.
الإستجابة : تتميز الاستجابة عن سائر أنواع الوقائع الأخرى بأنها أي نشاط يمكن أن يصبح مرتبطاً وظيفياً بأي واقعة أخرى سابقة .
التعزيز : لا يحدث التعلم الا بتوفر التعزيز , وهو المسؤول عن تكوين العادة.(عبدالمنعم السنهوري , 2009م , 90-92)
ثانياً : سكنر والسلوكية الوصفية :-
تعتبر السلوكية الوصفية إحدى تعريفات المدرسة السلوكية في علم النفس والتي بدأت في نشر مبادئها وتفسيرها لعملية التعلم منذ أواخر القرن التاسع عشر.
وتتميز نظرية سكنر بالسمات التالية :
1- أنها موضوعية تقوم على وصف السلوك كما يحدث.
2- أنها تحليلة أي تهدف الى عزل وتحديد العلاقات بين مجموعة المثيرات والاستجابات.
3- السلوك تبعاً لهذه النظرية يمكن وصفه وصفاً كمياً من خلال استخدام الإحصاءات الرياضية.
وقد ميز سكنر بين نوعين من السلوك هما :-
1- السلوك الإستجابي .
2- السلوك الإجرائي.
وقد اهتم سكنر بالمدعمات كمعينات سلوكية تستخدم للتحكم في سلوك الكائن الحي وهي نوعين :-
المدعمات الأولية.
المدعمات الثانوية.( عبدالمنعم السنهوري , 2009م , 93-95)
أضاف عبدالمنصف رشوان ومحمد القرني مجموعة من النظريات :-
1-نظرية الارتباط لـ ثورنديك: وترتكز على عملية التعلم باعتبارها عملية ارتباط بشكل محدد بين مثير واستجابة.
2-نظرية الاشراط التقليدي لـ بافلوف: وتشير إلى أن عملية التعلم تتحدد فيها أنواع من عمليات الاشراط تحديداً دقيقاً وواضحاً مثل عملية المشي الأولى التي يقوم بها الأطفال وهي نتائج لعمليات التعلم وحدها.
3-النظرية الإجرائية لـ سكينر: وتؤكد هذه النظرية على الجانب المعرفي.
4-نظرية الجشطالت: وتؤكد على البحث عن سلسلة المبادئ التي يتعلم بها الناس.
5-نظرية التعلم لـ جثري: وتقوم على أن التعلم هو القدرة على الاستجابة بصورة مختلفة في موقف ما وهذه القدرة هي التي تميز الكائنات الحية التي وهبها الله
6-نظرية الدافع لـ هل: تشير إلى منهج ميكانيكي في التعلم بين المثير والاستجابة
7-نظرية التعليمية في الشخصية لـ سكينر.(عبدالمنصف رشوان , محمد القرني , 2004م , 71-73)
خصائص العلاج السلوكي :-
1- يميل العلاج السلوكي إلى التركيز على الأعراض أكثر من التركيز على أسباب فرضية.
2- يفترض العلاج السلوكي أن السلكيات المضطربة تكون مكتسبة الى حد بعيد عن طريق التعلم بنفس الطريقة التي يتعلم بها الفرد أي سلوك أخر.
3- يفترض العلاج السلوكي أن الأسس النفسية وبصفة خاصة قواعد التعلم يمكن أن تفيد كثيراً في تعديل السلوك غير المتوافق.
4- يتضمن العلاج السلوكي إعداد أهداف علاجية محددة وواضحة لكل فرد على حده.
5- يرفض العلاج السلوكي النظرية الكلاسيكية للسمات .(محمد عبدالرحمن , محمد الشناوي , 2010م , 20-23).
أخلاقيات العلاج السلوكي:
1-العلم والخبرة: فالمرشد أو المعالج يبني عمله على أساس مجموعة من العلوم التي يستند إليها العلاج والإرشاد والتي تساعده على فهم نموهم واضطراباتهم ومشكلاتهم، وهذه العلوم يتلقاها في دراسة جامعية موجهة نحو اعداد الدارسين لممارسة العلاج أو الارشاد، كذلك لابد أن يتمتع الاخصائي بعدة مهارات يستعين بها في عملة مثل المقابلة والملاحظة وغيرها.
2-العمل لمصلحة العميل أو المريض: ولأن العمل العلاجي والإرشادي يقوم على مبدأ مساعدة البشر في سبيل تحسين ظروفهم والتخلص من مشكلاتهم فإن المعالج والمرشد ملتزمان للعمل لمصلحة المريض ورفاهيته.
3-سرية المعلومات: يقوم العلاج والإرشاد النفسي على أساس علاقة إرشادية وعلاجية يكتسب فيها العميل أو المريض الأمن الذاتي والثقة في المعالج.
4-مبدأ التدرج: من المبادئ الأساسية في العلاج السلوكي أن يكون هناك تدرج في استخدام العلاجية فنبدأ بالأساليب الأكثر قبولاً للنفس.
5-مبدأ اشتراك العميل في تحديده أهداف العلاج ووسائله: وهذا المبدأ من المبادئ الهامة في العلاج السلوكي حيث يشترك العميل مع الأخصائي في تحديد أهدافه.
6-احترام المعالج لزملاء المهنة: يلتزم المعالج أو المرشد باحترام زملائه في المهنة وما يبدونه من أراء.
7-إنهاء العلاقة عند الضرورة: إذا أتضح للمعالج أن المريض لا يحقق استفادة من العلاج فإن عليه أن ينهي العملية العلاجية.
8-تجنب العلاقة المزدوجة: فيما عدا حالات الضرورة لا يجوز للمعالج أن يدخل في علاقة مزدوجة مع العميل أو المريض، مثل أن يكون العميل صديقاً له أو من أقاربه أو شريكاً له في مشروع أو ما شابه ذلك.
9-مراقبة الذات: يجب على الأخصائي أن يدرك أن عمله قد يؤثر على سلوك العميل أو قراراته فلذلك يجب عليه أن يراقب تصرفاته الذاتية وتصرفات العميل نحوه.
10-استخدام الاختبارات وأدوات القياس: عندما يستخدم المعالج اختباراً من اختبارات النفسية فإن العميل يكون من حقه أن يعرف الغرض من استخدام الاختبار ونتائج الاختبار وتفسيره.
11-البحوث والدراسات: عند قيام المرشد بإجراء بحوث على العملاء أو المرضى فإن هذا لا يتم الا بإذن كتابي من العميل ولا يتم هذا الاذن الا بناء على معلومات كافيه عن طبيعة البحث.(محمد عبدالرحمن , محمد الشناوي , 2010م ,25-29)
الأساليب العلاجية في العلاج السلوكي :-
التدعيم (التعزيز) :-
يشير مفهوم التدعيم الى أن حادثة أو نشاطاً من شأنه أن يزيد من احتمال حدوث السلوك المستهدف بصورة أكثر تكراراً مما كان عليه في الماضي , وحيث أن التدعيم الايجابي هو عبارة عن تقديم مكافأة أو ثواب عقب حدوث الاستجابة المرغوبة. وهناك ثلاثة أنواع من المعززات الايجابية وهي :-
معززات مادية ملموسة تكون قيمتها مرتبطة بإرضاء حاجة حيوية ويصلح هذا النوع من المعززات مع الاطفال.
معززات اجتماعية مثل تقديم الاهتمام من خلال سلوك يوجه للعميل والحب والود الذي يظهر من خلال تقبل العميل.
معززات رمزية وهي الاشياء التي ترمز الى وحدات مختلفة ذات قيمة يمكن استبدالها بأشياء يرغبها العميل.
التعزيز السلبي :-
يتضمن التعزيز السلبي إزالة بعض المثيرات الكريهة أو غير المريحة أمام العميل نتيجة قيامه بالسلوك المطلوب.
العقاب :-
المقصود بالعقاب هو تقديم مثير منفر أو كاره للعميل عقب صدور الاستجابة السلوكية غير المرغوبة وهو أسلوب يستخدم لإضعاف سلوك معين أو التقليل من معدل حدوثه أو التخلص منه.
تشكيل الاستجابه :-
يستخدم هذا الاسلوب لبناء أو تشكيل سلوك جديد من خلال التعزيز , حيث يتم ذلك بشكل تدريجي عن طريق تجزئة السلوك إلى وحدات صغيرة فيتم تعزيز كل وحدة ينجح العميل في أدائها.
أسلوب الانطفاء الاستجابي :-
يستخدم الأخصائي الاجتماعي هذا الأسلوب عندما يرغب في تقليل مشاعر الخوف التي تنشأ عند العميل نتيجة لمثير .(هشام عبدالمجيد , 2016م ,205-209)
أسلوب الانطفاء الاجرائي :-
يستهدف هذا الأسلوب التقليل من معدل وقوع الاستجابات غير المرغوبة والتي تم زيادة معدل وقوعها من خلال مدعم إيجابي معين حيث يتم ذلك من خلال إنهاء العلاقة بين هذه الاستجابة وبين المعزز الإيجابي الذي أدى حدوثها عن طريق وقف التدعيم عند صدور الاستجابة.
أسلوب التدريب السلوكي :-
يستهدف استخدام تكنيك التدريب السلوكي تعليم العميل كيفية إحداث تغييرات سلوكية أو التعامل مع مواقف معينة . ويتبع هذا الأسلوب شكل من أشكال لعب الدور.
النمذجة :-
يستخدم هذا الأسلوب عندما يرغب الأخصائي الاجتماعي في تقوية أو إضعاف سلوك موجود فعلاً لدى العميل , أو عندما يرغب في إكسابه سلوكاً جديداً. (هشام عبدالمجيد , 2016م ,205-209)
خطوات العلاج السلوكي :-
1. تحديد السلوك المطلوب تعديله.
2. تحديد الظروف التي يحدث فيها السلوك المضطرب
3. تحديد العوامل المسئولة عن استمرار السلوك المضطرب
4. اختيار مجموعة من الظروف التي يمكن تعديلها أو تغييرها.
5. إعداد جدول لإعادة التدريب.
6. وينتهي العلاج عند النقطة التي يتم فيها الوصول الى السلوك المعدل.(موسى موسى , 2015 , 33-34).
مزايا العلاج السلوكي :-
1- يعتمد العلاج السلوكي على الدراسات والبحوث التجريبية المعملية المضبوطة في ضوء نظريات التعلم .
2- يركز على المشكلة أو العرض مما يسهل وجود محك , نحكم به على نتيجة العلاج.
3- ييسر للمعالجين استخدام أساليب مختلفة لعلاج الأنواع المختلفة من المشكلات النفسية.
4- يسعى الى تحقيق أهداف واضحه محددة.
5- يستغرق وقتاً قصيراً لتحقيق أهدافه مما يوفر الوقت والجهد.
6- يستخدم بنجاح كوسيلة وقائية.
7- يمكن أن يعاون فيه كل من الوالدين والأزواج والممرضات بعد تدريبهم.
عيوب العلاج السلوكي :-
1- الاقتصار على تعديل السلوك الظاهر دون أخذ الجانبين الأخرين – المعرفي والانفعالي – في الاعتبار.
2- الإهمال للشق المعرفي.
3- أحياناً يكون الشفاء وقتياً
4- يركز على التخلص من الأعراض وبذلك يزول العصاب.(محمد غانم , 2005م , 68-69)
تعليقات
إرسال تعليق